مجموعات التكنولوجيا في إيرلندا تدرس انعكاسات دعم دبلن لخطة الضريبة العالمية
بعد دعم دبلن الإصلاح العالمي الذي ينص على حد أدنى لضريبة على الشركات يبلغ 15%، وجدت شركات التكنولوجيا التي جذبتها إيرلندا بسياسة الضرائب المنخفضة، نفسها أمام واقع جديد قد يغير وضعها جذريا.
وقال المحاضر المتخصص في الاقتصاد لدى “كلية كورك الجامعية” سيماس كوفي إن “إيرلندا روجت باستمرار لاستقرار نظامها وثباته كميزة جذابة للاستثمارات الخارجية، لكنني لا أعتقد أنه يمكن اعتبار هذا النوع من الاستقرار والثبات أمرا يعتمد عليه الآن”.
وكان وزير المالية باسكال دونوهي أعلن الخميس، أن أيرلندا تراجعت عن موقفها الرافض لجهود الإصلاح الضريبي عالميا التي قادتها منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومقرها باريس.
وتهدف الخطة إلى منع الشركات المتعددة الجنسيات من خفض الضرائب المفروضة عليها من خلال تأسيس قواعد في الدول المنخفضة الضرائب.
ومنذ العام 2003، فرضت إيرلندا ضرائب على الشركات بنسبة 12,5 في المئة.
وبينما أثار ذلك انتقادات جرّاء اعتبارها ملاذا ضريبيا، شددت دبلن مرارا على أن خفض الضرائب ضروري لجذب الاستثمارات الخارجية وخلق فرص عمل.
ولفت كوفي إلى أن زيادة الضرائب على الشركات نقطتين ونصف نقطة مئوية لن يؤدي إلى هرب الشركات من إيرلندا على الأمدين القصير والمتوسط.
لكن الطريقة التي أجبرت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ودول مجموعة السبع إيرلندا من خلالها على تغيير موقفها ستعلق على الأرجح في أذهان جهات التوظيف التي تفكّر في إيرلندا كخيار على المدى البعيد.
وأفاد كوفي أنه “لا يمكن التقليل من أهمية دلالة تغيير نسبة ضريبة الشركات بفعل ضغوط خارجية”.
وأكد “قد لا تكون سُبل الاستثمارات متاحة بقدر ما كانت في الماضي”.
ولدى كل من “فيسبوك” و”غوغل” و”آبل” مكاتب كبيرة في إيرلندا حيث يساهم القطاع الرقمي بـ 13 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد ويوظف 210 آلاف شخص، بحسب بيانات مجموعة الضغط “تكنولوجيا إيرلندا” التابعة للقطاع.
ويبدو الازدهار التكنولوجي واضحا تماما في دبلن حيث يستضيف حي “سيليكون دوكس” مكاتب جوجل وفيسبوك.
وأفادت وكالة “آي دي ايه إيرلندا” الاستثمارية الحكومية بأن البلاد تحولت إلى مركز التكنولوجيا العالمية الذي يجذب الأنشطة التجارية الاستراتيجية لشركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات”.
وكانت نسبة الضريبة البالغة 12,5% عامل جذب رئيسيا في بلد يعد خمسة ملايين نسمة فقط.
وقال الاستاذ في “ترينيتي كوليدج دبلن” فرانك باريس “تتمثّل أهمية نسبة 12,5% في أنها باتت معروفة لدى أي شخص في العالم لديه اهتمام في هذا المجال”.
وأضاف “تحوّلت تقريبا إلى علامة تجارية، وبالتالي، هنا تكمن المشكلة في تغييرها”.
كما يشير البعض إلى أن سحب هذه الميزة الضريبية من إيرلندا سيفسح المجال لاقتصادات أكبر في دول ذات كثافة سكانية أعلى للتفوق عليها في هذا المجال.
لكن انضمام إيرلندا إلى صفوف معظم الدول في الاتفاق الضريبي منح الشركات الطمأنينة التي لطالما كانت تسعى إليها.
وأفاد باسكال دونوهي بأن دبلن انتزعت تنازلا مهما في مسودة اتفاق منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي يتمثل بحذف عبارة “على الأقل” من الحد الأدنى المحدد بـ 15% للضريبة وهو ما كان من شأنه ترك الباب مفتوحا أمام رفعها بشكل إضافي وأثار قلق المستثمرين.
وأكد للصحافيين الخميس “كان قرار منطقيا وبراغماتيا اتخذته الحكومة بما يصب في مصلحة بلدنا”.
وقال الشريك الضريبي لـ”إرنست آند يانغ إيرلندا” جو بولارد “كوننا أقرب إلى هذا اليقين والاستقرار البعيد المنال يلقى بالتأكيد ترحيبا من الزبائن”.
وأضاف “أن اعتبار إيرلندا كحامل أسهم إيجابي في هذا الصدد أمر إيجابي بالنسبة للمستثمرين”.
ويتضمن اتفاق منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي مقترحات بفرض ضرائب على أرباح الشركات في الدول حيث تجري عملياتها، لا حيث مقرها.
ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى تداعيات واسعة بالنسبة للشركات الرقمية، ويقوّض مبررات مغادرة إيرلندا.
وأشار باري إلى أنه بمعزل عن الأضرار التي قد تلحق بسمعة إيرلندا كبلد منخفض الضرائب، “متفائل” بشأن إمكانية جذبها مواهب واستثمارات في مجال التكنولوجيا.
وقال “تريد الدول الكبيرة وضع يدها على العائدات الضريبية”.
وتابع “مع أنها تجمع مبالغ كبيرة من الضرائب على الشركات، تولي إيرلندا دائما اهتماما أكبر بالتداعيات على التوظيف”.
المصدر: (أ ف ب)