سامح سمير يكتب.. الجَمال… سلاح أوكرانيا الضائع!
هل يمكن أن ينقذ أوكرانيا الجَمال؟
يكاد يكون معظم الفلاسفة والكُتّاب والشعراء تكلموا عن الجَمال بشكل أو بأخر وعن أهمّيته في مختلف جوانب حياتنا. بل انه يوجد علم مستقل قائم بذاته هو علم الجمال (الأستاطيقا).
يقول الشاعر الإنجليزي جون كيتس: الجَمال هو الحقيقة. ويقول سقراط : إذا جاء أحد يقول أن شيئا ما جميل بسب شكله أو غيره أقول له بحسم أن الاشياء تصبح جميلة بالجمال نفسه.
هناك جَمال الأعداد، كل الأعداد برغم تعدادها اللانهائي هي في حقيقتها وجوهرها أصلها واحد وهو الرقم واحد. تقول الشاعرة الأمريكية إدنا ميلاي: إقليدس وحده من رأى الجمال عاريا (إقليدس الذي وضع المبادئ الأولى للهندسة).
لكن ما هو الجَمال ؟
لا يمكننا تصّور أي شيء يمكن أن نطلق عليه وصف جميل بدون أن يكون متوازن، مهم حاولنا تصور أي معنى للجمال. ويمكن لأي شخص أن يحاول التجربة بنفسه لن نجد أفضل من كلمة التوازن لنعّبر بها عن الجمال وتكون مرادفه له.
إن وجود الجمال (التوازن) من أهم الأسباب لوجود الإيمان لأنه يجعلنا نؤمن أن هناك جدوى من وجودنا وأمل في الغد.
العالم جميعا يشهد ما يجري في أوكرانيا من حرب كان يجب أن لا تحدث بأي حال من الأحوال.
يكاد يكون يرتبط اسم أوكرانيا في عالم السياحة والسفر بأرض الجمال، ليس فقط جمال النساء كما يحلو للبعض من السفهاء والذين ينظرون الى الأمور بسطحية بل هي نفسها جميلة بطبيعتها وخصوصيتّها وبموقعها الفريد الذي هو بمثابة جسر وهمزة وصل بين الشرق والغرب، وبتاريخها وحضارتها وثقافتها وببساطة أهلها وجمالهم الداخلي على اختلاف تنوع لغاتهم ومذاهبهم وعرقيّاتهم.
كان يجب أن يتم استغلال هذا التنّوع والتعدد للتوحيد والجَمال وليس للتفرقة والقبح.
كان يجب استغلال موقع أوكرانيا لربط الشرق بالغرب والاستفادة من هذا أقصى استفادة ممكنة بشكل متوازن (جميل) لا أن يتم استغلال كل هذا من قبل تجّار الدين وتجّار السياسة وتجّار الحروب الذين لا يهمهم في النهاية مصلحة أوكرانيا نفسها ولا مصلحة شعبها بل كل ما يهمهم هو المتاجرة بكل هذا من أجل مصالهم الشخصية والسياسية فقط لا غير.
مستغلين بساطة ونقاء المواطن والانسان الأوكراني البسيط الذي يحبه كل من يعرفه ويعاشره ويعيش معه
لا داعي لتكرار كل ما حدث من حركات وثورات وأحداث كل السنوات السابقة فهو معروف ولا داعي لتكراره.
المهم ما النتيجة؟ ما الثمرة؟
ما وصلنا اليه من حرب عشواء هوجاء لا نعرف ما لذي ستوصلنا وتوصل اوكرانيا اليه ؟ ومتى وكيف ستتوقف؟
على كل أوكراني اليوم أن يسأل نفسه إلى متى ستظل أوكرانيا لعبة يتلاعب بها الشرق والغرب؟.
أوكرانيا ستكون مستقلة حقا ومحافظة على سلامتها واستقلالها وهويتها واستقرارها بسلاح الجمال (التوازن) حيث جمالها في تعددها وتنوعها مع بقاء الاصل والجوهر واحد تماما مثل الاعداد جميعا والرقم واحد.
حيث التعدد يوحّد لا يفرق، والموقع بين الشرق والغرب يوصّل ويفيد لا يقطع ويضر. نريد أوكرانيا التي تحب الجميع والجميع يحبها لا أوكرانيا التي يتلاعب بها الشرق والغرب لتصفية حساباتهم على حساب الشعب الأوكراني وأوكرانيا نفسها.
لا عداء لدولة على حساب أخرى ولا محبة لدولة على حساب أخرى نريد أوكرانيا المفيدة للجميع والتي تستفيد من الجميع لا أوكرانيا التي يستفيد منها الجميع وهي لا تستفيد شيئا من الجميع.
نقول لكل من وراء هذا الدمار والخراب ولكل من أشعل فتيل هذه الحرب ويريد أن تطول موتوا بغيظكم فأوكرانيا ستظل جميلة بجوهرها ومضمونها.
وستخرج من هذه الأزمة منتصرة.
نعم… النصر سيكون لأوكرانيا لا للشرق ولا للغرب وجمالها (توازنها) سيكون هو سلاحها الأساسي والحقيقي والأساس الذي ستُبنى عليه من جديد لتعود أجمل مما كانت.
النصر لأوكرانيا الجميلة (المتوازنة)